مهيرة
مع نهاية العام، ينتشر الحديث بين الناس عن التخطيط وتكثر الورش التي تعلمنا كيفية التخطط للعام الجديد؟
ولكن ماذا عن خطة السنة الماضية ؟ هل نفذناها ؟
الإجابة قد تكون محبطة ولكن إن كانت إجابتك بنعم أو لا؟ دعنا نتعرف سوياً على اجابة السؤال التالي:
لماذا لا نستطيع انجاز خططنا السنوية؟!
والأمر سيان إن كانت الخطة شخصية أو خطة استراتيجية للمشروع أو المؤسسة التي تعمل بها..
أسباب عدم تنفيذ الخطط:
الأسباب كثيرة، ويمكن أن نختصرها في (سوف واخواتها ) وهي تسمية ذات صيغة فكاهية أخترعتها لأتمكن من مجابهة شعور الاحباط الفظيع الذي يلم بي و بك وبنا جميعا حين نطالع خطة العام ٢٠٢٣ م ونجدد أننا لم ننفذ فيها الا أقل القليل. ومن أبرزها:_
سوف (التسويف والمماطلة ):
هو أكثر الأسباب شيوعا؛ فجميعنا مررنا بتجربة تأجيل انجاز مهمة ما، بالرغم من معرفتنا لأضرار هذا التأجيل، وذلك يرجع لطبيعتنا البشرية وهي أننا نرغب في الاشباع الفوري فضلا عن أننا جبلنا على تجنب الألم؛ فكلما كانت مهام خطتك لا تحقق لك نتيجة مستحبة سريعة فانك تميل لتأجيلها .
وكذلك إن كان تحقيقك لأهداف خطتك يتستلزم إجهاداً ذهنياً وبدنياً ويتطلب شعوراً بالألم أو الخوف أو الفشل ، فإنك حتما ستميل إلى تأخيره أو تركه تماماً، ولهذا يمكن أن نفهم لماذا تفشل خططنا لتعلم اللغة أو الرياضة أو ترك السكر في معظم الأحيان!
أخوات سوف :
هنالك أسباباً أخرى لعدم تنفيذ الخطط مثل :
الخوف من مغادرة منطقة الراحة وكذلك الكسل والعادات السلبية، مثل النوم لساعات طويلة
بالاضافة الى النزعة للمثالية و السعي للكمال فان أقل الناس إنجازاً عادةً هم المفرطون في المثالية لأن حرصهم على الإتقان الشديد يجعلهم يستغرقون وقتا أطول في مهمه واحده بينما غيرهم في ذات الوقت ينجز العديد من المهام.
هنالك أسباب ترتبط بالخطة نفسها :
(الفشل في التخطيط ..تخطيط للفشل) عبارة تقودنا الى أسباب الفشل التى يكون سببها خطتك ذاتها..مواصفاتها وطريقة اعدادها والفترة الزمنية المحددة لها..
كأن تكون الخطة غير مرنة لايوجد بها مساحة للتبديل بين المهام أو مرونة في الوقت بوضع خيارين للمدة مثلا : سأقوم بحفظ سورة البقرة (خلال شهر كحد أدنى و ثلاثة أشهر كحد أقصى) ؛ من المهم في كل الأحوال
تجهيز خطة( أ ) أساسية وخطة بديلةأو خطتين (ب) و (ج )
للطواريء .
الخطط الفاشلة هي خطط غير واقعية :
كأن تكون الخطة حالمة أو اكبر من قدراتك، أو لا يمكن تنفيذها في البلد الذي تعيش به ..
كذلك تفشل الخطط المعدة من قبل اخرين ، فينبغي أن تعد خطتك بنفسك وأن تكون الخطة مناسبة لنمط شخصيتك، فهناك شخصية حازمة ودقيقة تؤدي الأعمال في وقتها؛ بينما الأخرى شخصية مرنة تتهاون في الإنجاز ولا تستطيع أن تنجز مالم يحدد لها وقت لتسليم المهمة؛ فالخطة التي لا تتناسب مع نمط شخصية منفذها تفشل.
هنالك أيضا الخطط التي لاتكون قابلة للتقييم وأهدافها غير قابلة للقياس.
وهنالك أيضاً
الخطة التي تكون كصخرة صلدة، لم يتم تقسيمها لوحدات أصغر لا من حيث الأهداف ولا من حيث الأنشطة.
من أسباب فشل التخطيط
المرض الطاريء والحوادث و الكوارث العامة كالزلازل و انتشار وباء معين والحروب، لكن هذا السبب يصبح محدود الأثر لمن وضعوا خططاً واقعية تراعى كل الاحتمالات.
خداع التخطيط
تفسير اخر لمعضلة عدم تنفيذ الخطط :
يتحدث بعض خبراء النفس والاقتصاد عن تفسير عدم انجاز الخطط و يسمونه بمغالطة التخطيط أو خداع التخطيط :
المقصود به أن تكون الخطة طموحة مكتوبة بحماسة دون مراعاة للواقعية في تحديد زمانها ودون الاستفادة من أخطاء التخطيط السابقة.
مثلا اقتناع طالب ما بأن مشروعه سيستغرق وقتا أقل وفقا لخططه؛ رغم أن تجربته السابقة أثبتت له ان يحتاج لوقت أطول؛
فالمغالطة تكمن في الإصرار على ذلك مدفوعا بحماسة مؤقتة أو محاولة لتحدي نفسه وواقعه
وبالتالي يتكرر هذا الخطأ بلا نهاية.
مرفأ أخير :
حدثتي زميل لي أنه مدين لجدته لأمه كثيرا ؛ فقد تعلم منها الصبر و حب العمل.. قال لي بصوت يملؤه الحنين :كانت جدتي تدير البيت الكبير في قريتنا بكل جسارة وربت أمي واخوانها العشر على الانضباط و الطموح ؛ كانت تقوم بكل واجبات المنزل من نظافة و طبخ و غيرهما وأيضا تهتم بالحيوانات و النباتات في مزرعتنا الصغيرة ؛ كأن اليوم عندها يعادل اسبوعا !!
لم تتذمر قط و لم تؤجل مهمة من مهامها اليومية للغد أبدا..
قلت له : ترى ما كان دافعها لكل ذلك ؟
أجاب بسرعة:
بالتأكيد حبها لأطفالها ومنزلها ..حرصها على أن تؤدي واجب الامومة على أكمل وجه..
قلت له هامسة _وأنا انظر بعيداً _ الآن عرفت لنجد الدافع لتنفيذ خططنا علينا أن نخلص في أداء واجبنا وأن نحب أنفسنا حب هذه الأم لأطفالها ..ولدورها في الحياة، ساعتها لن[ نسوف].. لن نتقاعس ..سننجز مهامنا ونحقق اهدافنا بكل يسر!!
هل هذا كل ما أنصح به لكي ننجح في تنفيذ خطة السنة الجديدة.
كلا اقرأ المقال القادم فهناك الكثير من الحلول باذن الله تعالى.
