تحريــر : د/رؤى الطريفي
منذ الشرارة الأولى لاندلاع هذه الحرب (العبثية) اللعينة أخذت عهداً على نفسي أن لا أخط حرفاً واحد فيما يتعلق بنقل الأخبار و الأحداث التي تجري.. لقناعتي التامة و التي لم تتغير حتى اللحظة أنها (لا تخصنا)؛ لست بصف أحد من الطرفين.. لا يهمني انتصار أحدهم.. المنتصر في هذه الحرب خاسر.. و الخاسر الأكبر هو نحن..
الشعب.. نحن الذين تشردنا و فقدنا منازلنا و أرواح بعضنا البعض.. نحن الذين تشتتنا على يد أبناء سحنتنا.. نحن الذين نهبت منازلنا و هتكت أعراض بناتنا و نسائنا و بيعت بناتنا في سوق النخاسة علانية جهاراً نهاراً..
نحن فقط الخاسرون..
حاولت في بداية الحرب أن أساعد في غرف الطواريء بالنشر و البحث عن المساعدات و المهونات ما استطعت.. لكن أصابني ما أصابني من اليأس و الاحباط و شيئ من الرغبة في الانفصال عن الواقع.. أصبحت أخبار القذائف و التدوين لا تهزني.. أصبحت أخبار الفقد و العزاء تأتيني كأنها سراب بعيد لا يمت لي بصلة..
لا أدري ماذا أسمي ما يحدث. بداخلي.. لكنني أعلم فقط أنه عقلي.. يحاول بطريقته الحفاظ على ما تبقى لدي من مشاعر أنهكتها الأحزان و الخيبات فقرر نيابة عني أن يعزلني عن ما حولي.. فلكأنه قد قام بفصل قابس المشاعر فاصبحت تماماً كمريض تحت تأثير المخدر لا هو بالنائم و لا هو بالقادر على استعادة كامل وعيه..
سبعة أشهر من النزوح قضيتها بين المدن المختلفة متنقلة بين مراكز الإيواء و بيوت الأصدقاء .. لا شيء يشغل بالي سوى أن أتمكن من اللحاق بأسرتي التي حالت الظروف بيني و بين السفر معهم رغم خروجنا من الخرطوم سوياً..
سبعة أشهر عرفت فيها من الحياة ما لم أعرفه طيلة إحدى و أربعين سنة مما تعدون.. بل إني أكاد أجزم أنها سبعون عاماً تضاف إلى عمر روحي..
ربما يوماً ما سأستطيع أن أخبركم ماذا فعلت بي الحرب و ماذا وجدت في المنازح..
لكنني الآن لا أملك سوى أن أقول؛ ما زلت على عهدي الأول... يجب أن تتوقف هذه الحرب فوراً و بلا أي شروط
#إسورة_فضة:
يوماً ما ستتوقف هذه الحرب.. و سنعود إلى منازلنا.. لكن قطعاً..لن يعود أحد منا ذات الشخص الذي كانه قبل الحرب..
#إسورة_ذهب:
إليك.. في الهناك:
ألف حربٍ داخلي.. و آتيك دون راء.