مع تزايد الضغوط النفسية، ماهو العلاج؟! هل تحتاج (دفرة)؟!

مع تزايد ا
د/إسراء الشايب/اختصاصي طب نفسي

تحريــر : د/إسراء الشايب/اختصاصي طب نفسي

قد تتعطل بك عربة الحياة فجأة على طريق طموحاتك ،فتحتاج ( دفرة) أي دفعة من الخلف لتعاود المسير ، وفائدة هذه الدفعة أن طاقتك الداخلية ووقودك قد لا يكفيان لتحريك العربة فلا بد لك من مساعدة.

في عملنا كعاملين في مجال الطب النفسي هناك اضطرابات يحتاج فيها طالب الخدمة لعلاج سريع ،في الاكتئاب مثلا لا تكفي طاقة المصاب به لبدء جلسات العلاج النفسي الذي يحتاج قدراً محدداً من الطاقة ومستوًى معيناً من التركيز للاستجابة ،فتكون (الدفرة ) هنا بالاستعانة بمضادات الاكتئاب لأنها أسرع ثم البدء بعد ذلك بجلسات العلاج النفسي وكلاهما مفيدان ،وإن كان العلاج الدوائي مفيداً على المدى القريب لسرعته ،فالعلاج النفسي مفيد أكثر على المدى البعيد لمنع الانتكاسة .

بعض مرضى الاكتئاب يحتاجون لدفعة أسرع ،كمريضٍ لديه نوايا انتحارية ،أو آخرَ رفض الأكل والشرب تماماً لدرجة قد تهدد حياته ،ومضادات الاكتئاب حتى تعمل قد تحتاج لأسبوعين على الأقل قد يفقد فيها المصاب حياته ،فهنا الجلسات الكهربائية تفي بالغرض إلى أن يستطيع المريض مواصلة السير بوقوده الداخلي ( مناعته النفسية) أو بوقودنا الذي نمنحه أياه ( مضادات الاكتئاب). أيضاً الاكتئاب المقاوم للعلاج يشبه العربة التي لم تفلح كل المحاولات لتحريكها فتحتاج لدفرة بأدوية محددة أو جلسات كهربائية .

ما ذكرناه عن الاكتئاب يختلف عن مقابله ( الهوس) فهنا يكون المريض مندفعاً ربما نحو الهاوية ،فيحتاج هنا إلى ( فرملة) توقف السيل المتدفق من أفكاره وأفعاله.

قد نظن أحيانا أننا عندما ندفع الشخص فإننا نقوم بمساعدته وهذا صحيح ما عدا في حالتين ،أن يكون الدفع قوياً فبدل أن يدفعه للأمام فإنه يطرحه أرضاً ،مثل أن تكثر النقد واللوم والمقارنة فيتوقف الشخص عن الفعل بدلاً من أن يتحمس له ،كحالة عميلة أتت إلى عيادتي وهي متفوقة دراسيا فكثرة المقارنة وطلب أسرتها ومدرستها منها الاجتهاد لإذاعة اسمها ضمن أوائل الشهادة الابتدائية جعلها تتوقف عن الذهاب للمدرسة وبدأت درجاتها في التدني ،أما الحالة الثانية فهي أن تواصل الدفع حتى لا يعتمد الشخص على وقوده الداخلي ويكون اعتماده كليا عليك فهنا تساهم بجدارة في صنع عالة على المجتمع بدل أن يكون مضافاً إليه. أبناؤنا يحتاجون منا ل( لدفرة) خفيفة ليواصلوا درب الحياة الوعر بمفردهم ،نحن معهم بنصائحنا وإرشادنا ،لا أن يطلبوا منا دفع عربتهم كلما تعطلت عن المسير ،يكفيهم نصحنا وتهيئة الدرب لهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم لا أن نحلها نيابة عنهم.