تحريــر : ايحاء صديق
الصورة بعدسة: جلال آدم علي
المائدة السودانية تحفل بتنوع كبير في الأطعمة والمشروبات نسبة لاتساع رقعة السودان وتعدد ثقافاته،برعت النساء السودانيات في صناعه الأطعمة الخاصّة بكل مناسبة، فنجد ملاح التقلية وهو متربع على صينية يوم الجمعة، والشربوت في عيد الأضحى(وهو عباره عن مشروب بلدي) والمرارة بعد كل ضبيحة والكثير من الأطعمة والمشروبات لكل مناسبة. وبالطبع لم يسلم رمضان من ذلك فهو شهر مميّز دينياً واجتماعياً حيث يزخر (فطور رمضان) بالأصناف المميزة من صحن العصيدة والسمبوسة والحلويات والعصائر البلديه مثل الكركدي والعرديب والتبلدي وبالطبع عصير الحلو مر(الآبري).
تجهيز
قبل حوالي شهرين من رمضان تمتلئ أجواء الأحياء والشوارع برائحة المشروب المفضل الآبري، وهو مشروب رمضاني خفيف ويحتوي على عناصر غذائيه عالية، بالرغم من مراحل عمل الابري الطويلة إلا أنها تظل الأمتع والأجمل، قبل يوم العواسه بإسبوع أو أسبوعين يبدأ بتذرّيع العيش(الذره) ويتم التذرِّيع عن طريق وضعه فوق شوال من الخيش أو في صينيه وتغطيته جيداً ويرش من فتره لأخرى حتى يصل مرحلة التشبع وبداية تحوله لنجيلة، بعد ذلك يتم جمعه وعرضه على الهواء لفتره حتى ينشف ثم طحنه، وتتم عملية طحنه مع مجموعه بهارات وتكون أغلبها اختياريّة لتناسب الاشخأص الذين لديهم مشاكل في المعده، ومن أشهر البهارات(الجنزبيل، كمون، المحريب، الحلبه، غرنجال، كركديه) ثم يعجن هذا الخليط مع باقي المكونات مثل العرديب الذي يتم بله قبل مده كافيه وتصفيته في الخليط مع البهارات ويترك ليخمر من يوم إلى يومين،وتسمى عملية خلط الاَبري(الكوجان) بعد ذلك يأتي (يوم العواسة) وهو يوم يتميز بلمة الجيران والأقرباء وتكون عمليه العواسة متبادلة بين النساء الموجودات، وفي الأغلب يتم وضع أكثر من صاج للعواسه، قديما كانت عواسة الآبري تتم فوق الحطب نسبة لاحتياجه لنسبةٍ عاليةٍ من الحرارة، أما حديثا صنعت أنواع مواقد تسمى (الدفار) تفي باحتياجات العواسه والدرجة المناسبه من الحراره.
تتمُّ (عواسه الآبري)عن طريق وضع كمية مناسبة في الصاج وتحريكها بواسطة ما تسمى بالقرقريبة وتسمى العملية (المكاتله) أىّ المقاتلة نسبه للجهد المبذول فيها، وتختلف التسميات من منطقة لمنطقة أخرى، تبل (طرقة) من الآبري (والطرقة) هي القطعة الواحدة لمده زمنية تبدأ من نصف ساعه أو ساعه ثم تصفى ويضاف السكر ويكون المشروب جاهزاً.
فوائد
يحتوي الآبري على عناصر غذائية مهمة إضافة إلى أنه يروي عطش نهار رمضان الذي يتميز بسخونته في السودان.
أنواع أخرى
يوجد صنف آخر من الآبري يسمى الآبري الأبيض او الحلو مر الأبيض وهو عباره عن ذره ونشأ وبهارات (جنزبيل، كمون، حلبه، هبهان، غرنجال) وأيضا تختلف البهارات بإختلاف الأذواق، تصنع مديده من الدقيق ويضاف لها البهار والدقيق والنشا وتترك العجينه حوالي ثلاث أيام ثم تصفى وتخفف بواسطه الماء، بعد ذلك تبدأ مرحلة العواسة وتكون الطرقة رقيقة جداً وتترك لفتره قصيره حتى تجف ثم تجمع، ويتم تحضيره بأخذ جزء منه وإضافه ماء وسكر له وشربه.
أيضا من الأصناف المميزه في رمضان عند السودانيين هو الرقاق، وهو عباره عن وجبه تؤكل في السحور بعد اضافه الحليب لها والسكر اختيارياً، وتصنع عجينه الرقاق من الكاسترد ودقيق القمح ولبن البودره والباكينج باودر والقليل من السكر ويتم خلطهم جيدا ثم تركهم قليلاً وبعدها أخذ كميه ووضعها في الصاج البدأ في عواستها لتتحول الي رقائق وتترك في الهواء قليلاً حتى يتم جفافها بالكامل ثم جمعها وتخزينها في مكان جاف.
يترصد المغتربين خارج السودان أيضا لنصيبهم من كراتين رمضان داخلها الآبري ومعه ما طاب من خيرات البلاد وكرامات رمضان مثل الرقاق والويكه(الباميه المجففه) والشرموط(اللحم المجفف) والبصل المكشن(المحمر) والدكوه(زبدة الفول السوداني) وغيرها مما لذ وطاب.
يظل طعم رمضان مميزاً وإن قللت الضائقة الإقتصادية التي تمر بالسودانين أعداد الأسر التي تقوم ب(عواسة الآبري) واستبدلته بشراء القليل منه او استبداله بعصائر أخرى ولكن يظل (الآبري) ملكاً للمشروبات الرمضانية ونكهة تتحدى الزمن.