تمر مراحل الأمومة بكثير من الإحباطات، فالحياة اليومية ليست وردية كما تصورها مؤثرات منصات التواصل الاجتماعي، وبينما تحاولين تطبيق قواعد التربية الإيجابية، ستواجهك مجموعة من المواقف الضاغطة التي تفقدك التحكم السليم في مشاعرك، فتلجئين إلى الصراخ في وجه الأبناء لإنهاء الموقف. ولكن هل يصبح الصراخ حلا أو وسيلة تربوية لحل مشكلات الأبناء؟
الصراخ في وجه الأطفال قد تكون له آثار ضارة على رفاههم العاطفي والنفسي والاجتماعي، لا سيما حينما يصبح أداتك الوحيدة لإجبار الطفل على اتباع التعليمات أو فض النزاعات بين الأشقاء أو حتى لتوجيه الأوامر بالتوقف عن الحركة والبكاء المستمر.
قد يؤدي الصراخ المستمر من الآباء والأمهات إلى عواقب دائمة، من بينها التأثيرات التالية:
تقول خبيرة التربية وتعديل السلوك عبير مصطفى "ربما لا تتخيلين أبدا ملامح وجهك المخيفة حينما تصرخين في وجه طفلك، هو وحده الذي يرى تلك الملامح، حتى لو كان هناك آخرون في المكان، فهو وحده من توجه إليه كلمات لوم عنيفة وتهديدات مخيفة من شخص يظنه الأقرب إليه".
وأضافت خبيرة التربية للجزيرة نت أنه "في الوقت الذي تتجنب فيه الأمهات الواعيات لقواعد التربية السوية الضرب كوسيلة للتأديب، تلجأ بعضهن إلى الصراخ كبديل آمن وغير بدني للعقاب، لكن ما يجب أن تدركه الأمهات أن الصراخ مخيف جدا للطفل، فأنت تنقلين إليه مشاعر الخوف، مع رسالة مبطنة أنني كأم لن أساعدك على تخطي هذا الخوف الآن".
وتضيف عبير مصطفى "يفترض أن البيت وأفراد الأسرة هم مساحة الأمان المطلق في عالم الطفل، فإذا كان العالم الخارجي مليئا بالإحباطات لطفلك، يجب أن يصبح بيته الملاذ الآمن له، وكذلك تصبح أمه أول من يلجأ إليه ليشعر بالطمأنينة، ولكن إذا تعرض الطفل للصراخ المتكرر من أمه، قد يشعر بالخوف أو القلق أو عدم الأمان في المنزل، مما يؤثر على نموه العاطفي".
قد يؤدي الصراخ إلى تآكل الثقة بين الوالدين والأطفال، مما يجعل من الصعب على الأطفال الوثوق بوالديهم. بمرور الوقت، قد ينمو لدى الأطفال تدني احترام الذات، لأن الصراخ المستمر يمكن أن يخلق صورة سلبية عن الذات.
يتعلم الطفل معظم سلوكياته الإيجابية والسلبية من بيئته، وإذا كان الصراخ هو وسيلة التفاهم والتعبير عن الغضب، ستصبح الطريقة المعتمدة لدى طفلك للتواصل مع الآخرين، سواء كانوا أصدقاء وأشقاء، أو حتى في تعامله مع البالغين.
توضح عبير مصطفى أن "الأطفال الذين يتعرضون للصراخ المستمر يرون أنه سلوك مقبول لحل المشكلات والمواقف الحياتية، ومن ثم يفشلون في بناء علاقات صحية مع الآخرين، ويواجهون صعوبة في إدارة الخلافات والأوقات العصيبة".
تعرفين جيدا أن الصراخ يؤدي إلى إجهاد الجسم، لكن لست وحدك من يتعرض لهذا الإجهاد، قد يؤدي التعرض المستمر للصراخ إلى إضعاف النمو المعرفي للطفل.
تشير الأبحاث إلى أن التعرض لفترات طويلة للبيئات المجهدة قد يؤثر على وظائف المخ، مما يؤدي إلى صعوبات في التركيز والذاكرة وقدرات حل المشكلات، وهو ما ينعكس على أداء طفلك أكاديميا.
يمكن أن يؤدي التوتر إلى ضعف جهاز المناعة، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، واضطرابات النوم، حسب موقع "ماريدج".
يوجه الصراخ رسالة غير مباشرة للطفل أن طرق التواصل بينه وبين أمه قد انقطعت، واللجوء إلى العنف اللفظي هو الحل، فكيف تمكن إعادة بناء الثقة بين الطرفين، وكيف يمكن للأم أن تعبر عن رفضها من دون تعريض طفلها لآثار الصراخ.