التعبير عن الحب ..طوق النجاة عند الأزمات

التعبير عن
د/سمية ابراهيم مصطفي استشاري علم النفس

تحريــر : د/سمية ابراهيم مصطفي استشاري علم النفس

التعبير عن الحب ..طوق النجاة عند الأزمات 

 

هل شعرت مرة بأنك تحتاج لسماع كلمات الحب؟ أو أن تعبر عن حبك لأحدهم لكنك لا تستطيع.!!

هل تتمنى أحياناً أن ترتمي في أحضان والديك شوقاً أو حباً ولكنك لاتفعل خجلاً أو خوفاً من ردة فعلهما أو لسبب تجهله. 

إنّ العجز عن التعبير عن المشاعر بصفة عامة و شعور الحب على وجه الخصوص؛ أمر معروف لدي المختصين ، وتلعب أساليب التربية و الأعراف الاجتماعية دوراً مهماً في تعلُم المهارات الاتصالية بما فيها التعبير عن المحبة ؛ 

فأسلوب والديك في الإفصاح عن المشاعر و عادات اسرتك و بلدك الذي تحيا فيه و حتى طبيعته الجغرافية  تحدّد ما إذا كنت من النوع الودود الذي يسهل عليه تبادل كلمات وأفعال الحب أم لا، وهناك عوامل أخرى، لذلك ترتبط بنقص مهارات التواصل، أو وجود نمط شخصية متحفظ حذر، وكذلك تأثيرات التنشئة الاجتماعية مثل الثقافة المحلية والتربية كل هذه العوامل يمكن أن تلعب دوراً في قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره بشكل صريح وفعّال.

الحب ضرورة وليس رفاهية:

نعم نحتاج الحب لننمو بصحة و سعادة؛ ونحن نحتاج حقا لمعرفة أهمية الحب وضرورته لجودة حياتنا حتى نتمكن من تغيير اتجاهاتنا نحو الحب وبالتالي قدراتنا التعبيرية وذلك من أجل تحسين حياتنا العاطفية. 

الحب يعزز الصحة النفسية ويقاوم الأمراض:

فالحب يمتلك تأثيرًا عميقًا على الصحة النفسية والجسدية للأفراد. من الناحية النفسية، يعزز الحب الشعور بالسعادة والرفاهية العاطفية، ويقوم الحب بتقديم الدعم العاطفي، وهو عامل أساسي للتغلب على التحديات الحياتية.

دعم الاحبة هو الدواء الذي تحتاجه لتعامل مع بعض الامراض النفسية مثل الرهاب والاكتئاب والقلق. 

ويقلل الشعور الحب من احتمالية الاصابة بالادمان.

علاوة على ذلك، يقوم الحب بعلاج الأرق بقيامه بتعزيز نوعية النوم ومقاومته للتأثيرات السلبية للإجهاد.

الحب مهم للصحة الجسدية :

من الناحية الجسدية، أظهرت الأبحاث أن الأفراد الذين يعيشون في علاقات مليئة بالحب يشهدون تحسنًا في وظائف القلب والدورة الدموية، كما يعزز الحب إفراز هرمونات السعادة مثل الأوكسيتوسين والإندورفين، مما يسهم في تقليل مستويات التوتر والقلق.

وغالبا ما نكون أقوى و أكثر صحة وسعادة اذا شعرنا أننا قريبون ممن نحبهم وبادلناهم الحب و الود.

يعتبر الحب كمسكن قوي للألم حيث يعمل على تخفيف الصداع.

وكم هو جميل معرفة أن الدماغ يعتبر صورة الحبيب بمثابة الهاء لطيف يجعله اكثر قدرة على تحمل أي نوع من الالم ، وهذا يفسر ما نلاحظه على الجنود المقاتلين والمعتقلين في السجون وحرصهم على النظر الي صور احبابهم التي بحوزتهم حتى يمكنهم ذلك من الصمود وتحمل الألم و الحياة المليئة بالمصاعب والخطر.

ومن ناحية أخرى فان تعبيرات الحب تخفض معدل ضربات القلب الي النصف كما يقلل من الاصابة بأمراض القلب على المدي البعيد. 

وتشير الأبحاث أن شريك الحياة المحب يخفض ضغط الدم ويقلل الوقت الذي يمكن أن تقضيه بالمستشفى.

  الحب وقاية من الأمراض :

حيث يساعد الحب في مقاومة المرض ؛ فنجد أن  

حركات متعلقة بالحب مثل امساك اليد تزيد من انتاج الاندروفين الذي يعزز نظام المناعه ويساعد في العلاج ويقوى الرغبة في مكافحة المرض.

وكذلك يلعبُ الحب دوراً مهماً في الوقاية من الأمراض النفسية. بحيث يمكن أن يسهم الدعم العاطفي والتواصل الصحيح في تقوية العلاقات الاجتماعية وتعزيز الرفاهية النفسية.

التعبير عن الحب يسهم في تحسين المزاج عبر تحفيز إفراز الهرمونات السعيدة مثل الأوكسيتوسين والإندورفين. هذه الهرمونات تعزز الشعور بالسعادة وتقلل من مستويات التوتر.

على سبيل المثال فإنّ التواجد مع الشخص الذي تحبه يطلق هرمون الدوبامين وهو المسئول عن الشعور بالسعادة ويقل افراز الكورتيزول وهو الهرمون المر تبط بالتوتر بالإضافة إلى ذلك، فان الحب والدعم الاجتماعي يمكن أن يسهمان في تقوية جهاز المناعة، مما يجعل الشخص أكثر قدرة على مواجهة التحديات الصحية.

على أيّ حال إن كان الحب ضرورة للنمو وكذلك سبباً للتشافي و طريقة للوقاية من الامراض؛ فما الذي قد يمنعك من أن تفتح قلبك لمن تحبهم وتعبر عن حبك لهم ، عبر عن مشاعرك صراحة دون مواربة، على الأقل حتى لا تتهم بانك مصاب ب(اليكسيثيميا) أو ما يعرف ب (فقد العواطف)، وهي حالة ضعف في التعبير عن المشاعر يجد المصابون بها صعوبة في التمييز بين مشاعر الاخرين وتقديرها جنبا الى جنب الى عجزهم التام عن الافصاح عن مشاعرهم.

لا يهمك ماقد يقال ، عبر على أيّ حال ، اكسر الصمت و تكلم !!

صدقاً أقول لن أغضب أبداً أن لم تكمل المقال ونهضت فوراً لتعبر عن حبك الآن لمن تحب ؟

فماذا تنتظر ؟!

أخبرهم اليوم فانك لاتدرى ماذا يخبيء لك الغد من أقدار؟

مرفأ أخير:

كتبت على يومياتها :( كان العام الماضي عام المشاعر بلا ريب؛ فقد تزاحمت فيه الأحداث السارة والحزينة؛ أنا التي قضيت عمري كله في رتابة وحياتي كانت تسير على وتيرة واحدة؛ فقد عشت مع أمي و زوجها بعد انفصالها عن أبي وأنا طفلة غضّة بعمر الثالثة؛ علاقتي بأبي كانت عادية زيارات في الاجازات و الأعياد وبعض الهدايا؛ ولم أفكر يوماً هل كنت أحبه أم أكرهه !! حتى تلقيت نبأ مرضه بالسرطان؛ سافرت اليه وأنا لا أكاد أتوقف عن البكاء؛ وبعد وصولي لم اسمح لعمتي وبناتها برعايته ؛فوالدي بعد وفاة زوجته منذ عامين انتقل لبيت جدي حيث تقيم عمتي وبناتها؛ فرحة والدي بوجودي شجعتني في الحديث معه؛ عوضني أبي عن غيابه؛ ولدهشتي وجدته يعرف عني كل شيء حتى ألواني المفضلة وهواياتي، تيقنت أنني أحبه من كل قلبي، وكان شعوراً جميلاً لم اختبره من قبل !! .. كنت أكثر من تقبيله في جبينه أو يده كل صباح و اعانقه دون سبب.. 

وأخرج لأتمشي معه وأنا ممسكة بيده.

وعندما حان موعد فحصه الدوري، كانت نتائجه مذهلة، قال لي أبي بمحبة جليّة (إنني بخير لأنك بجواري.. ابنتي التي أحب .. ولكن بعد أن لمست حبك وتأكدت منه؛ أنا في اتمّ عافيتي وأشعر أنني أصغر سناً..وغمز بعينه وهو يقول لدرجة انني أفكر بالزواج !! 

ضحكنا يومها و أنا بحضنه وأنا أشعر بأمان وسعادة لا حدّ لها ).