مهيرة
تحريــر : أ/محمد محيميد
الحفاظ على نفس الوتيرة في العمل هو من الأمور الصعبة إن لم تكن من الأمور المستحيلة، فلا يمكنك أن تتخيل رياضي لديه نفس المستوى في جميع المناسبات ومن الطبيعي أن يشهد مستواه تغييرات بين ارتفاع وهبوط.
فلا تتوقعى أن يكون لديك نفس الحماس بشكل يومي، أو أن تعملي بنفس التركيز والوتيرة طوال الأسبوع. لكن إلى جانب جميع المهارات والمسؤوليات المطلوبة منك، يجب أن تتمتعى بمهارة ضبط النفس التي هي مفتاحك لتحافظ على المستوى الذي تصبين إليه وتحقيق التركيز في العمل لإنجاز مهامك.
فالدراسات تشير أن 90% من الأشخاص الذين يحافظون على مستوى ثابت في مهارة مُعينة ويتفوقون في مجال عملهم يتمتعون بقدرة عالية على ضبط النفس والتركيز، وهؤلاء الأشخاص يتمتعون بمجموعة خصال سمحت لهم بامتلاك هذه المهارة.
وهذه المهارات هي مفتاحك كمُستقلة أو رائدة أعمال لتكونين جاهزةً في أي وقت لتُقبلي على العمل وتكوني على أتم استعداد. فما هي أهم النصائح التي ستساعدك على التركيز في العمل؟
1. سامحي نفسك:
بشكل عام، مواجهة المصاعب تكون محفوفة بشعور الإخفاق، لذا انسى هذا الشعور حتى لو كانت النتيجة كذلك، وركّزي على الهدف الأخير الذي تريدين الوصول إليه. الفشل هو بداية النجاح، مقولة دائمًا نسمعها، لكن تكرار الفشل لا يعني أنك على الطريق الصحيح إلا في حالة النظر إلى مُسببات الفشل والتعلم منها، مع التخلص بشكل كامل من الشعور بالضعف الذي ينتج.
الوقوف من جديد بعد الفشل يعني أنك تمتلكين إرادة جيّدة وقوية، والأهم من هذا كله تحليل التجربة والتعلّم منها دون السماح لمشاعر الحزن بالسيطرة عليك. في هذه الحالة ستكونين قادر وبنسبة كبيرة على مُسامحة نفسك، لأن اللوم في النهاية لن يصنع المُعجزات، وستتمكنين من التركيز على المهام القادمة.
2. قولي لا ولا تخجلي:
كلما وافقتِ على مهام ليست مطلوبة منك ولا ترغبين القيام بها، كلما كانت النتيجة سيئة، فضغط العمل الزائد يتسبب عدم التركيز بالإضافة إلى اكتئاب في بعض الحالات.
تعلّمي أن تقولي لا للأشياء التي لا تريدينها، ولا تجاملي على حساب نفسك، فالصدق مع النفس هو مفتاحك لتكوني مستقلة ناجحة.
يمكنكِ قراءة كتاب The Power of a Positive No فهو يأخذك برحلة شيّقة وتتعلمين منه طريقة قول لا بأسلوب لن يؤذي الطرف الآخر.
تذكّري دائمًا أن قول كلمة لا في وقتها المُناسب هو جزء من التحكم بالنفس ويساعدك على التركيز على المهام الحالية التي يجب عليك إنهاؤها، وهو مفتاحك للمستقبل لكي تكوني إنسانة تتمتع بقوة إرادة وتحكم بمصيرك.
3. لا تبحثى عن الكمال:
الكمال هو شيء لا يمكن لأي مخلوق أن يصل إليه، لذا لا تجعليه هدفك. يمكنك السعي باتجاه الكمال لكن مع زرع فكرة أنك لن تصلي إليه أبدًا.
الإنسان بطبيعته يفشل، والحياة لا يمكن أن تسير على خط مستقيم.
لذا اقتنعي بهذا المبدأ، وانسى الكمال والأشياء الخارقة التي لا وجود لها إلا في الخيال. وهذا حتى تتمكني على التنفيذ عوضًا عن التدقيق على كل مهمة.
4. ركّزى على الحلول:
حتى تستطيعي التركيز في العمل ركّزى على الحلول
العاطفة والمشاعر تتبع العقل دائمًا، فطريقة التفكير هي التي ستحول مجرى الحياة، إذا كان تفكيرك منحصر على الفشل ستفشلين حتمًا. وإن أخذته باتجاه النجاح، ستجد أن النجاح يأتي إليك بعد السعي واتباع الخطوات اللازمة.
لذا، لا تركّزي على المشكلة، افهميها أولًا ثم انقلى تركيزك بالكامل إلى حلول هذه المشكلة وكيف يمكن أن تتخطينها، لا تضيعي وقتك بالنظر إليها على أنها مشكلة وعقبة جديدة في حياتك.
ابحثي عن قصص الناجحين في مجال عملك وفي الحياة عمومًا، اقرئيها من البداية حتى النهاية، ستلاحظين حتمًا أنهم واجهوا مشاكل مُعيّنة وسيذكر الكاتب ذلك في فقرة واحدة، لكن التركيز على الحلول ومُحاولة البحث عنها سيمتد على أكثر من فقرة.
وهكذا يجب أن تكون في تعاملك مع المشاكل والعقبات التي تواجهك في العمل حتى تتمكني من التركيز وإنجاز ما عليك.
5. توقفي عن إحصاء جميع الاحتمالات:
أن تسألي نفسك “ماذا لو” وتطيلي البحث عن الإجابة الشافية يعني حتمًا أنك في طريقك إلى الفشل، لذا تجنّبي هذا السؤال.
التفكير بالإجابة سيفتح أمامك الكثير من الأبواب، ولن تعرفي أي باب يجب أن تطرق، لذا حاولي أن لا تبحث عن إجابة لكل شيء.
فالتفكير المنطقي والدراسة الاستراتيجية الصحيحة شيء مطلوب ولا يجب أن تستغني عنه، لكن كلمة منطق تعني أن لا تحمّل الأشياء قيمة لا تستحقها.
لذا احرصي على التركيز في العمل دائمًا فهو سيزيد من الإنتاجية حتمًا، وابتعدي كل البعد عن الدراسات النظرية التي ستضيع وقتك.
6. كوني إيجابيةً:
التفكير الإيجابي هو أحسن تمرين يمكن أن تتبعيه لتحسين قدرتك على التحكم بذاتك، فالتفكير بالمكافآت التي ستحصلين عليها من جرّاءِ الجهد الذي تبذلينه يدفع عقلك للتركيز بشكل أكبر في العمل وإنجاز المهام.
فعندما تكون في مزاج جيّد والأمور تكون كما ترغبين فإن التحكم بذاتك يكون سهل جدًا، لكن عندما تبدأ الأمور بالتخبط يصبح الوضع أصعب، في هذه اللحظة حاولي التفكير بأشياء إيجابية.
تذكّرى أي شيء إيجابي حصل معك في نفس اليوم وحاولي التركيز عليه، وإن كان يومك يخلو من الأشياء التي تدعو للتفاؤل، تذكّرى شيء من الماضي واجعليه جسرًا لتتجاوزي الحاضر للوصول إلى المستقبل الذي ترغبين به. باختصار، لا تضيّعي وقتك في السلبية والهروب من العمل.
7. راقبي نوعية طعامك:
العقل بحاجة إلى الغذاء بشكل مُستمر، لذا لا تتوقعى منه أن يعمل دون وجود طاقة كافية، فالتفكير لفترات طويلة سيشعرك بالجوع حتمًا.
ولكن راقبي نوع الطعام الذي تأكلينه، لا تتناولي الأطعمة التي تُهضم بسرعة كبيرة أو التي تحتوي على كمية مرتفعة من السكريات لأنها ستؤدي حتمًا إلى فقدان التركيز والشعور بالارتخاء، الأمر الذي سيؤثر على إنتاجيتك في العمل.
ركزي على الأطعمة التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تُهضم بشكل كامل، لأنها تُعطيك شعور بالشبع أولًا وتبقي دماغك بنشاط دائمًا جراء استقباله للمكونات الغذائية الموجودة فيها، الأمر الذي سيسهم بشكل فعّال في زيادة التركيز في العمل.
بالإضافة إلى التقليل من الكافيين، فتناول القهوة والشاي بشكل دائم من أجل التركيز في العمل قد يأتي بنتائج عكسية تمامًا لما تظنينه، فقد يزيد من حالات القلق والارتباك لديك، ما يضعف تركيزك.
8. النوم:
من الأمور المهمة للحفاظ على التركيز في العمل هي الموازنة بين العمل وفترات الراحة والنوم، فهي عناصر أساسية للحفاظ على تركيزك.
قد تشعرين في بعض الأحيان بالرغبة بالعمل لفترة أطول حتى لو كان هذا الشعور بعد 12 ساعة متواصلة من العمل، طاوعي نفسك لفترة قصيرة، ثم اخلدي إلى النوم.
العقل والجسم بحاجة للراحة بشكل مُستمر، حيث يعتقد البعض أن السهر والعمل بشكل متواصل شيء ضروري ويمنح الشعور بالإنتاجية القصوى، لكن هذا الإجهاد سيظهر لاحقًا وسيؤثر بنسبة كبيرة على بقية أيام الأسبوع.
لذا حافظى على وتيرة معينة وساعات نوم محددة والتزمي بهم، فراحة العقل لن تأتي إلا من خلال النوم الجيّد، وهذا بدوره يكفل لك تركيزًا طويل الأمد ويبعد الإحباط والضغط النفسي.
9. مارسي الرياضة:
تقول الدراسات أن ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق على الأقل يوميًا يؤدي إلى تحرير مواد في الناقلات العصبية للإنسان تساعد العقل على التفكير بسلاسة وتمنع الشعور بالاكتئاب.
لذا احرصي على أن تكون دائمة الحركة حتى لو كنت داخل المنزل، تحركي باستمرار ولا تأخذي فترات الراحة وأنت جالسة أمام حاسوبك تتصفحين الشبكات الاجتماعية.
10. اقضِ على النقاشات السلبية:
تنشأ داخل العقل مجموعة كبيرة من النقاشات، بعضها يكون مُحفزًا للغاية وينتهى بشعور جيد، وبعضها الآخر مجرد حوار سلبي لا فائدة منه سوى ضغط نفسي وتدمير للقدرة على التحكم بالذات.
تعد هذه الخطوة مهمة جدًا للحفاظ على التركيز في العمل، فكلما أخذتِ وقتًا أطول في هذه النقاشات، كلما كان لها تأثيرًا سلبيًا أكبر.
عندما تبدأ هذه الأفكار الباطنية بالقدوم إليك، أتركى كل شيء وابدئي بتدوينها، فهذه شحنات سالبة لا داع للتهرّب منها، بل احرصي على تفريغها باستمرار.
من الطبيعي أن يكون التحكم بالنفس متأرجح، لكن الأهم أن يكون هناك موازنة، فمفتاح المهارات السابقة يبدأ بإمكانية التحكم بالنفس بمستوى عال للتحكم على تركيزك في العمل.
وكوني على يقين دائم أن ضبط النفس لا يمكن لأحد أن يتقنه باستمرار، لكن عند الشعور بالضعف تجاه التحكم بالنفس تذكّرى هذه المهارات وحاولى العمل بها وادفعى نفسك خارج حلقة الذعر والإحباط.
