تحريــر : ايحاء صديق
الصورة بعدسة:ابراهيم أحمد أمبلى
الزواج من الأشياء التي تحتوى علي العديد من الطقوس والتقاليد التي تميز كل بلد وكل منطقة في العالم، والسوداني غني بالثقافات والعادات والتقاليد التي تضرب بآصالتها في جذور التاريخ و(الجرتق) هو أحد أبرز هذه الطقوس، وهو أحد تقاليد الزواج السوداني.
لمحة تاريخية
الجرتي والتى تلفظ الآن (الجِرْتِق)، هي من أصل كلمة (جِرْتي) النوبية والتي تعني الزينة التي تلبس عند الختان أو الزواج كما أورد عون الشريف قاسم في كتابه قاموس اللهجة العامية في السودان.
وقد وُجد من ضمن كنز الملكة المروية أماني شخيتو التي تعتبر من أهم الكنداكات اللائي حكمن مملكة مروي في القرن الأول قبل الميلاد كنز به العديد من النقوشات التي تشير إلي طقوس تشبه وتشير إلي الجرتق الحالي ابتداءاً من جلوس الرجل والمرأة
متقابلين علي (العنقريب) لتبادل أدوات الجرتق وانتهاءاً بطقس تبادل إناء اللبن ما زال أحد الطقوس المستعملة من ضمن طقوس الخصوبة والفأل. وأيضا يستخدم (الجرتق) كمرسم من مراسم ختان الصبية.
خصوصية
(الجرتق) أكثر خصوصية من الزفاف لاقتصاره على أهل المنزل والمقربين جدا، ويقام في الأغلب في الصباح الباكر بعد ليلة الزفاف وتسمى(الصبحية) أو آخر النهار (العصر)، ومع ظهور صالات المناسبات ونسبه لوتيرة الحياة السريعة وبُعد المسافات أصبح الجرتق يتم داخل الصاله بعد الزفاف مباشرة، ويعتبر الجرتق طقس حمايه من العين والحسد والشر.
مراسم
وعن مراسم الجرتق تحكي لنا الحاجة أسماء _وهي ستينية تقيم في الخرطوم_ أن العروس تقوم بلبس توب الجرتق وهو توب أحمر مشغول باللون الذهبي، وتلبس معه (جدلة)وهي عبارة عن غطاء رأس من الشعر الصناعي الطويل يتم صنعها وخياطتها ويلصق عليها جنيهات الدهب وتختلف أشكالها وانواعها، يوجد جدل بزمام، وجدل القمر بوبا(وهي التي تحتوي على حلق القمر بوبا الذي يشبه الهلال) وجدلة الودع، بالإضافه لذلك تلبس العروس الأساور الذهبيه في يدها والحجول في أرجلها والسلاسل في عنقها.
بالنسبه للبس العريس لديه ما يسمى قماش السرتي، وهي عبارة عن قماش من القطن يفصل على شكل جلابيه ويزين بخطوط حمراء تشبه خطوط القرمصيص، ويلبس في أرجله شبشب من نفس شكل الخطوط الحمراء ويحمل العصاة التي تكون مزينة في الأغلب، ويلبس طاقية من نفس القماش الأحمر.
يجهز مكان الجرتق بعنقريب الجرتق وهو يشبه السرير لكنه يصنع من الخشب والحبال، يفرش عليه ملايه حمراء ويزين المكان وتوضع أمام العنقريب الذي سيجلس فيه العرسان لاحقاً صينية حمراء اللون تسمى (صينية الجرتق) وتحتوي علي عدد من الأصناف مثل الريحة والمحلب والزيت والصندل والمبخر للبخور وكمية من البخور، أيضاً توضع الحريرة التي تربط على أيدي العرسان ومعها الهلال والسبح الخاصه بالجرتق.
يتجمع الناس في شكل دائرة حول العنقريب الموجود به العرسان لتبدأ الطقوس مع تغطيتهم بقماش القرمصيص.
يبدأ الجرتق أو الضريره(وهي إحدى مراحل الجرتق) بزغرودة ومن ثم تبدأ الخالات والعمات والموجودين في الدائره بترديد العديل والزين، وتقوم الحبوبة (الجدة) ببدأ المراسم الاساسيه بوضع الضريرة وهي عبارة عن بدره من المحلب والمسك الصندل المسحون على رؤوس العرسان وإستمرار الحضور في ترديد الأنشوده وباقي الأغاني، ثم تربط الحريره ويعلق الهلال في جبين العريس(عباره عن شريط أحمر في منتصفه هلال ذهبي) وتلبيسهم السبحه، ويتم ذلك كلهم والعرسان جنبا إلى جنب والقرمصيص على أكتافهم.
بعد الإنتهاء يتم إعطاء كوبين من الحليب للعرسان ليرش كل منهم الآخر بالحليب بعد شربه، ويقال أنّ المرشوش هو من يتفوق على الذي يُرَش حباً.
وبعد اكتمال المراسم يتم أخذ حلوى وبلح وإعطائها للعرسان حتى يقومو برميها على الحضور ويسمى( الفال)وحديثاً بعد رمي الحلوى البلح يقومو بتوزيع أشكال صغيره من الأكياس داخلها حلوى وعطور وسبح وأشياء أخرى حسب استطاعة العرسان.
أغاني وأهازيج
من الأغاني الأساسية في الجرتق فهي أنشودة العديل والزين التي يأتي مقطعها الأول :
(الليل الليل العديل والزين
الليله العديله ويا قدرة الله
بسم الله إبتديت
قولي السمح والزين
والقول ماهو دايم
البكتبو ويقرأ
شيال التقيلة الشوفتو
تملأ العين
من قومة الجهل معروف ولد سترة)
وتردد إحدى النساء العديله كاملة ويقوم باقي الحضور بترديد مقطع
(الليل الليل
العديل والزين
الليله العديله
تقدمو وتبرا)
ويتواصل الترديد كناية عن تمنيهم للعريس والعروس الحظ السعيد والجميل والحفظ من الشرور.
بعد انتهاء الجرتق يأخذ العريس عروسه ويودعهم الموجودين بالأغاني الحزينة مثل
(الليله سار مننا
يا بلال ضوق الهنا)
ويخرجون تزفهم الزغاريد والأمنيات بالحياة السعيدة الرغيدة ويردد المعازيم(تغلبها بالمال وتغلبك بالعيال).